متى تنفخ الروح في الجنين
متى تنفخ الروح في الجنين
الجنين أو الطفل في طور التكوين في رحم أمه له حقوق وضعها الله سبحانه وتعالى، فكنا جميعاً أجنة في بطون أمهاتنا، وجميعنا تكونا في هذه المرحلة في الرحم، حتى بلغ الله أشدنا ساعة الولادة لننتقل من رحم الأم إلى الدنيا المنظورة، ومن حقوق الأجنة، قيام الأم برعايته من خلال التغذية السليمة والصحة الطبيعية والحفاظ عليه، وكذلك تجهيز الأب بقدوم هذا المولود ليعيش حياة كريمة من جميع الجوانب. في هذا المقال نتعرف على بعض المعلومات والجوانب الدينية حول الجنين، حيث نتعرف على إجابة سؤال متى تنفخ الروح في الجنين، ونظرة الإسلام للجنين والآيات القرآنية والأحاديث الشريفة التي قيلت في الجنين.
ما هو معنى الجنين؟
الجنين في اللغة تعني التستر والتخفي، حيث يقال جنّ يعني أخفى، والجنون هو إخفاء العقل عن الطبيعي، والجنين في الفقه الإسلامي هو كل مستور، وهو اسم الولد في البطن مادام موجوداً لم يولد فإذا وُلد كان له اسم مختار من الأب والأم، والجنيّ هو المخلوق المخفي عن الأنظار، لذلك فالجنين يعني المخفي عن الأنظار في بطن أمه.
والجنين من النطفة ثم العلقة التي تكونت في بطن الأم، وهو المتكون نتيجة العلاقة الزوجية والتخصيب للبويضة في الأم، من خلال الحيوانات المنوية، وتبقى النطفة ثم العلقة حيناً حتى ينفخ الله فيه الروح فيكون إنساناً داخل بطن الأم يتحرك حتى موعد الولادة، وسوف نتعرف على وقت نفخ الروح في الجنين.
وقت نفخ الروح في الجنين في نظر الفقهاء والعلماء
ذهب الجمهور من العلماء سواء من الحنفية أو المالكية وكذلك الظاهرية والشافعية والحنابلة، أن الروح تُنفخ في الروح بعد حوالي 120 يوماً أي بعد الاربعين الثالثة، أو ما يعرف الشهر الرابع من الحمل، وهذا مصداقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث المروي عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله قال: إنَّ أحدَكُم يُجمَعُ خلقُهُ في بطنِ أمِّهِ أربعينَ يوماً ثمَّ يَكونُ في ذلك عَلقةً مثلَ ذلِكَ، ثمَّ يَكونُ مضغةً مثلَ ذلِكَ، ثمَّ يرسلُ الملَكُ فينفخُ فيهِ الرُّوحَ ويؤمرُ بأربعٍ، كلِماتٍ: بكَتبِ رزقِهُ وأجلِهُ وعملهُ وشقيٌّ أو سعيد.
وهناك اختلافات قال عنها بعض العلماء، فقد ذهب ابن رجب الحنبلي وكذلك من قبله حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما أن الروح تنفخ في الجنين في الأيام العشرة بعد تمام الأربعة أشهر أي بعد الموعد الذي ذهب إليه جمهور العلماء كما رأينا، بل نجد اختلافات تقول أن الروح تنفخ في الجنين بعد الأربعين الأولى وهذا في قول بعض العلماء المحدثين وذلك مصداقاً لقول الله تعالى: ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُوحِهِ.
أي أن الله تعالى يخلق الجنين بعد التسوية والتعديل فينفخ فيه من روحه، وهذا في الأسبوع السادس أو السابع من الحمل.
وهناك العديد من الاستدلالات الشرعية التي تجعل الأمر مختلفاً مثل حديث عبد الله مسعود السابق، وكذلك حديثه المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: إنَّ أحدَكم يُجْمَعُ في بطنِ أُمِّهِ أربعين يوماً، ثم يكون علقةً مثلَ ذلك، ثم يكون مضغةً مثلَ ذلك، ثم يبعثُ اللهُ مَلَكًا فيُؤمَرُ بأربعةٍ: برزقِه وأجَلِه، وشقيٌّ أو سعيدٌ، فواللهِ إنَّ أحدَكم – أو: الرجلُ – يعملُ بعملِ أهلِ النارِ، حتى ما يكونُ بينَه وبينها غيرَ باعٍ أو ذراعٍ، فيسبقُ عليه الكتابُ فيعملُ بعملِ أهلِ الجنةِ فيدخُلَها، وإنَّ الرجلَ ليعملُ بعملِ أهلِ الجنةِ، حتى ما يكونُ بينَه وبينها غيرَ ذراعٍ أو ذراعيْنِ، فيسبقُ عليه الكتابُ، فيعملُ بعملِ أهلِ النارِ فيدخُلَها
والحديث السابق يبين أن نفخ الروح بكيفية معينة وهي إرسال الله ملك تنفخ الروح في الجنين ويكتب قدره كما هو مبيّن في الحديث الشريف السابق. وقد استدل العلماء والفقهاء أن الملك يكتب قدر الإنسان ثم ينفخ فيه الروح، وهذا يتم في الأربعين الأولى وذلك لأنهم استدلوا على ذلك من الآية الكريمة: فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا..
وهذا يعني أن المضغة في الأربعين الثالثة تتحول لعظام الجنين في الشهر الخامس، ولكن لقد أثبت العلم الحديث خطأ ذلك، فالله سبحانه وتعالى ترك القول مطلقة أن العظام تأتي بعد المضغة وهذا يحدث بالفعل في الشهر الثاني وليس في الشهر الخامس كما قال بعض من الفقهاء القدامى.
وعلى أية حال، فإن الروح تنفخ بكيفية لا يعلمها إلا الله تعالى، وعلينا ان نكون على يقين أن الروح ونفخها من الأسرار الإلهية كما قال الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا.
نظرة القرآن الكريم للجنين
هناك العديد من الآيات الكريمة في القرآن الكريم التي تحدثت عن الروح وعن الجنين، فهذه الآيات تحدثت عن خلق الإنسان وأطوار ومراحل تخلق الإنسان من نطفة ثم علقة ثم كساء العظام وغيرها من المراحل، فقد قال الله سبحانه وتعالى: هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ.
وقد بيّن القرآن الكريم أن أصل الإنسان من طين، وهذا في بداية خلق آدم عليه السلام، ثم أنشأ الله تعالى خلق آخر من أطوار خلق الإنسان، حيث قال الله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.
كما قال الله تعالى عن خلق الإنسان: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ.
وكذلك قوله سبحانه وتعالى: خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ.
وفي آية أخرى قال الله سبحانه وتعالى: أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى*ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى* فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى.
في هذا المقال، تعرفنا على العديد من الجوانب الدينية حول نفخ الروح في الجنين، ونظرة القرآن الكريم لخلق الجنين في بطن أمه وأطوار خلق الإنسان.